الأربعاء، أغسطس 29، 2007

من الخرطوم أكتب لكم ... الحلقة الثانية

الثلاثاء 21/8/2007
استيقظت فى الثامنة صباحاً للمزيد من العمل ... أو بمعنى أدق لكى أبدأ العمل حيث ضاع الأمس بدون عمل ....
اغتسلت سريعاً وأنهيت تحضيراتى وسحبت من خزينتى 1500 دولار وارتديت ملابسى وحملت اللاب توب الخاص بى وانطلقت خارجاً لأقابل زملائى ونتجه للإفطار .... وقررنا اختيار المطعم النوبى بالفندق والذى تميز عن مطعم الأمس – الشرقى - بوجود البيض المسلوق .....
خرجنا من قاعة الإفطار فى التاسعة والنصف وبدأنا نبحث عن السائق الذى كان موعده معنا فى الثامنة والنصف حتى لمحناه يدخل الفندق ليسأل عنا فى الاستقبال .. ركبنا معه وسألته لماذا تأخرت ؟؟ فقال بأنه لم يتأخر بل هو على البوابة منذ الثامنة ولما تأخرنا عليه وبدأ يشعر بالقلق قرر أن يسأل عنا .... لم يشعر بالقلق إلا بعد مرور ساعة ونصف على انتظارنا ... آه ... فكما أخبرتكم أن السودانيين هم الأطول روحاً ... والأطول نفساً
وصلنا إلى العمل فسألنا عن المحاسب فقيل لنا أنه ذهب ليشترى أجهزة الكمبيوتر إياها ... وبعد نصف ساعة حدث ما لم نكن نتوقعه ... لقد حضر المحاسب ومعه أجهزة الكمبيوتر ...
لن أتحدث عن العمل البطئ الممل الذى قمنا به ولا عن طولة البال السودانية الرهيبة فى العمل .... وعندما وصلت الساعة إلى الرابعة عصراً قال لنا المحاسب : عفواً سنضطر للانصراف الآن لأن لدينا عقد قران ينبغى علينا حضوره .
انصرفنا من العمل وركبنا السيارة واتجهنا لإحدى مكاتب الصرافة لتغيير دولارات إلى جنيهات سودانية ... وللجنيه السودانى حكاية طريفة ...
فالسوادن فيما مضى كان يتعامل بالجنيه .. ولما انخفضت قيمته بشدة قام بسك عملة جديدة واستخدامها وهى الدينار ... ثم لما انخفضت قيمة الدينار بشدة سك عملة جديدة هى الجنيه .... نعم ولكنه جديد يختلف عن الجنيه القديم ... فالجنيه الجديد يساوى ألف جنيه قديم ... وعندما تسأل عن سعر أحد السلع يخبرك به البائع السودانى بالجنيه القديم ... فعلبة السجائر مثلا سعرها 6000 جنيه ... فتدفع أنت 6 جنيهات ... حد فاهم حاجة ؟؟؟
عند عودتنا – مطرودين – إلى الفندق مررنا بمطعم مؤمن – تحيا مصر - لنشترى غداءا وعشاءا حيث أن حجزنا فى الفندق كان شاملا ً الإفطار فقط ... أحضرنا العشاء ودفعنا 99 ألف جنيه ( 99 جنيه ) وعدنا إلى الفندق ...
ملأت البانيو بالمياه وأفرغت فيه زجاجة كاملة من صابون مجهول الهوية وجدتها ثم قلدت الأغنياء الذين يستلقون فى البانيو الملئ بالماء والصابون .... وإن كنت لم أعرف كيف يقومون من هذا البانيو دون أن يعلق الصابون بأجسامهم ... المهم أننى انتهيت من حمامى وارتدين البرنس – تماما كالأغنياء أيضاً - .... يبدو أنها سفرية لتقليد الأغنياء الذين نراهم فى الأفلام القديمة ...
دخلت غرفتى لأشاهد التلفزيون وقررت أنى لن أخرج منها قبل الصباح .... فتحت التلفزيون فوجدت محمود قابيل أمامى ... قررت مخالفة ضميرى ومشاهدة محمود قابيل حتى ينتهى أو أنام .....
انتهى محمود قابيل ثم شاهدت فيلماً تافهاً لهاريسون فورد بعنوان Air Force One .. وهو أحد الأفلام التى تروج لشخصية الرئيس الأمريكى البطل ومساعديه العظماء .. وأمريكا التى لا تقهر ... حتى مع وجود بعض الإرهابيين أو الخونة ...
ياللرئيس البطل ... إنه يصر على إنقاذ الجميع حتى لو عرض نفسه للخطر ... وياللجنود البواسل ... كلهم يصر على افتداء حياة الرئيس ولو مقابل حياته هو شخصياً .... أمريكا فوق الجميع
انتهى الفيلم بانتصار الرئيس جيمس مارشال – هاريسون فورد – وعائلته وسلامة أمريكا وليذهب الإرهابى الروسى إلى الجحيم ....
ممممم ... فيلم آخر هو المرأة والساطور .... وفيلم آخر هو طأطأ وريكا وكاظم بيه ... سألت نفسى هل أشاهد التفاهة أم الغلاسة ... فكرت قليلاً وقررت أننى لن أشاهد أياً منهما ...
أشرب الكوكاكولا ... أطفئ الأنوار .... وأحاول أن لا أفكر فى الطائرات التى تسقط والتى شاهدتها بوفرة مع السيد هاريسون فورد ... فسأركب الطائرة بعد الغد .... وأنام ...

الأربعاء 22/8/2007
استيقظت فى السابعة والنصف على تليفون من مديرى ... أخذت دشاً سريعاً وانطلقنا للبوفيه ... وبينما نحن نحضر أطباقنا اكتشفنا الكارثة المريعة ... لقد انتهى الفول ...
لن أحدثكم كثيراً عن المشكلة التى أثرناها حتى أحضروا لنا الفول ... ولم يتعجبوا من ثورتنا فهم يعرفون أن الفول للمصريين كلحوم البشر للكانيبالز ....
وصل السائق باكراً جداً وحملنا وانطلقنا للعمل .... وفى الطريق مررنا بقصر الرئاسة وهو قصر فخم وجميع الشوارع حوله يمكن المرور منها بسهولة تامة .. فالناس فى السودان – وهذا غريب جداً بالنسبة للوطن العربى – يحبون رئيسهم بالفعل رغم أنهم دولة فقيرة أو شبه فقيرة ... والناس لا يحبون رئيسهم إلا حين يكونون أغنياء تماما كدول الخليج ....
لاحظت انتشار الضباط والعساكر بشكل كبير فى الشوارع .. وساءلت نفسى كيف لم أنتبه لانتشارهم وكثرتهم من قبل ؟؟ هل هو من فرط نحافتهم بحيث يكون كل ثلاثة منهم عسكرى واحد من عندنا ؟؟؟؟ وتمنيت أن أرى السادة اللواءات عندهم هل يتمتعون بنفس الرشاقة المؤذية أم أنهم كلواءاتنا البواسل جميعهم حامل فى التاسع ؟؟؟
أخبرتكم من قبل عن الكسل السودانى .. ولكننى اكتشف اليوم جانباً آخر من الكسل ... فقائدو السيارات إذا صادفتهم بالوعة فى الأرض فهم يمرون من عليها ولا يحاولون تفاديها ... هل تعلمون لماذا ؟؟ لأنهم يكسلون عن إدارة مقود السيارة بعيداً عنها ... وهذا ليس مزاحاً بل هو الحقيقة ...
وإذا وقفنا على مطلع الكوبرى لثوان معدودة يقوم قائد السيارة بجذب فرامل اليد بسبب كسله الشديد وعدم رغبته فى بذل مجهود الضغط على فرامل القدم ...
وهم يكرهون الشوارع المنحنية وال U-Turn كما نكره نحن ضباط الشرطة بسبب اضطرارهم لإدارة المقود .. وبسبب هذا الكسل المبالغ فيه تنتشر فيهم السيارات الأوتوماتيك بشدة ... ويكفى أن تعرفوا أن لديهم مدينة اسمها كسلة ... أو كسلا ... وأن معظم إعلاناتهم تركز على فكرة الراحة .....
وصلنا للعمل لنتحمل نفس الكسل السودانى .. واكتشفنا أيضاً الكثير من الغباء ... ولو كنت أعلم أنكم تعملون بالمحاسبة لأخبرتكم عن غباء الموظفين الذين تعاملت معهم وكيف تسير الأمور ؟؟
قال لى أحد المصريين الذين قابلتهم فى العمل وقد مضى عليه شهر فى السودان أنه اكتسب نفس الكسل السودانى ... وأخبرنى أن أكثر قطعة أثاث موجودة فى المنازل هى الفراش ... فكل منزل يجب أن يكون به العديد من الأسرة ( جمع سرير ) ليستطيع سكان المنزل النوم فى الوقت الذى يريدونه دون اضطرار للوصول إلى غرفة النوم ذاتها ....
وهم فى السودان يسمون الزواج بالمشروع المقدس ... ربما لأنه من المشروعات التى توفر لمنفذها الكثير من النوم ... تباً لهم .. لقد بدأت أتثاءب ....
لن أحدثكم كذلك عن جهاز الكمبيوتر الجديد الذى لا يعمل الذى أحضروه ومفاوضاتنا مع شركة الكمبيوتر لإبداله .. المهم أن هذه المفاوضات استغرقت اليوم كله تقريبا مع مفاوضتنا مع شركة الإنترنت لزيادة السرعة ... تساءلت فى البداية لماذا يرفضون زيادة السرعة رغم أننا سندفع مقابل هذه الزيادة ... ثم فطنت إلى السبب ... هم يكرهون السرعة وكل ما يمت للسرعة بصلة ....
انتهى اليوم على خير ورحلنا فى الساعة الرابعة والنصف ....
عدنا إلى الفندق ومررنا فى طريقنا بمطعم أمواج لنشترى طعام الغداء والعشاء كالعادة ... فى غرفنا تناول كل منا طعامه ثم التقيت مع أحد شركائى فى غرفته لنشاهد سوياً مباراة مصر وكوت دي فوار الودية ...
وبعد فاصل من حرقة الدم الخزعبلية عدت إلى غرفتى وأكملت بقية طعامى وقلبت فى التلفزيون قليلاً فلم أجد ما يمكننى مشاهدته ففضلت النوم .....

هناك تعليق واحد:

Rannon يقول...

طبعا يا مخ انا مش محتاجة أقولك إن دي من أجمل الحاجات اللي قريتها
بجد مذكراتك رائعة وكالعادة اسلوبك بيبهرنا والله شوقت الواحد يروح السودان يستورد شوية كسل
:D