ربما تأتى أفكارى مشوشة وغير مرتبة .. فأنا لم أحضر لذلك المقال .. بل أتى عفو الخاطر وكيفما اتفق ....
لم أشارك فى الثورة منذ بدايتها وحتى اليوم .... سوى بالدعاء والكتابة
لم أنزل لميدان التحرير .. ولا لشواطئ الإسكندرية .. ولم أقتحم مقار أمن الدولة .. ولم أقذف ضابطا بحجر ولم أصنع زجاجة مولوتوف
حتى اللجان الشعبية لم أشارك بها إلا بقلبي
لست فخورا بكل ما سبق .. ولست خجلانا منه أيضا
اكتفيت بالمشاهدة والتفكير .. والدعاء للثوار بأن ينصرهم الله ويزيح هما ثقيلا اسمه مبارك
فى البداية كانت المظاهرات والحماس والكر والفر والتعاطف الكامل من كل الناس مع الثوار والدعاء لهم
كانت القدرة على التحمل تطل برأسها من قلوبنا جميعا .. سنتحمل من أجل الوطن حتى لو جعنا وعطشنا .. فما أهون الجوع والعطش وقلة المال مقابل الشهداء الذين ضحوا بحياتهم لأجلنا ....
لن أضيف الكثير فى هذه المرحلة .. فالكل توحد فيها تماما .. والكل - تقريبا يحمل نفس رأيي - وتنحى مبارك .. ثم ذهب الفريق أحمد شفيق الذى نال نصيبه هو الآخر من قلة أدب العربجي علاء الأسواني الذي يصر - لسبب لا أعلمه - على اعتبار نفسه من المناضلين .. كما اعتبر نفسه من قبل من الأدباء .. وهو موهوم فى الحالتين
وجاء عصام شرف .. وبدأت الثورة تتخذ منحنى جديد .. وبدأ الشعب يتخذ منحنى خطير ..
أثبتت الثورة أنها هي الأقوى .. بعد أن كانت تقاتل للبقاء
فى مرحلة مبارك وعمر سليمان وأحمد شفيق .. كان كل من ينزل لميدان التحرير يحمل رأسه على كفه .. كانوا أبطالا حقا .. تحملوا هجوم البلطجية والجمال والخيول ... والإعلام المضلل
وعندما بدات مرحلة عصام شرف .. ومرحلة الشرعية الثورية .. أصبح ميدان التحرير مرتعا لكل صاحب طلب .. مشروعا كان أم غير مشروع
وتحولت الثورة من محاولة لضبط إيقاع وطن .. إلى محاولة لضبط إيقاع أشخاص
تحولت القوى السياسية المختلفة إلى مبارك جديد .. وتبودلت الاتهامات بالعمالة .. وأصبحت أنا الذى لم أشارك فى الثورة يطلق على وعلى أمثالي : حزب الكنبة .. وهذه أول علامات الديكتاتورية .. أن تصم من يخالفك الرأي بالعمالة وأن تسفه منه
أصبح التظاهر لتأييد المجلس العسكري وصمة عار .. وكأنما التظاهر حق أصيل لمعارضي النظام فقط وحرام على غيرهم
سخر الكثير من كل من يحذر من توقف عجلة الإنتاج .. وبمنتهى التفاهة أطلقوا تعبيرات بسكليتة الإنتاج ... عجلة الإنتاج نايمة .. ولم يفكر أحدهم فى الرد على فكرة توقف عجلة الإنتاج بكلام جاد .. بالأرقام .. وبالإحصائيات
تماما كما كانوا فى منتهى التفاهة وتركوا كل ما حول شفيق وتعلقوا بالبلوفر الخاص به .. وكان بلوفر شفيق هو نقيصته .. ولو كان البلوفر مشكلة فليعود مبارك صاحب أفخم الملابس ليحكمنا
أصبح الوطن يدار بالذراع وبالقوة وبالبلطجة .. ليس من الشرطة كما تعودنا .. وإنما من الناس .. انزل إلى الشارع وشاهد الشعب المتحضر كيف يقود سياراته عكس الاتجاه .. كيف تسير الحمير والسيارات الكارو فى وسط الشوارع
شاهد كيف يعدو كل من له مطلب ليحرق ويخرب بدعوى الثورة
تحول قاطنوا ميدان التحرير إلى آلهة ممنوع المساس بهم .. وإذا تجرأ أحدهم وقال أنه توجد مخدرات فى ميدان التحرير أصبح خائنا يستحق الإعدام .. بينما كل من يوجد بميدان التحرير الآن يعمل علم اليقين فى قرارة نفسه إن ميدان التحرير ملئ بالمخدرات
مصيبة ثورة يناير أنه لم يكن لها قائد من البداية .. فأصبح كل من هب ودب يتحدث باسم الثورة .. ائتلافات ما أنزل الله بها من سلطان .. جمعيات وأحزاب لم يعرف مؤسسوها معنى العمل السياسي من قبل
وفى ظل كل هذا الزخم السياسي غير المدروس .. توارى أبطال ثورة يناير الحقيقيون فى الظل ... مات من مات منهم .. ويرقد بلا علاج من يرقد الآن منهم
لم أسمع عن حزب من الأحزاب الوليدة تبرع لعلاج مصاب من مصابي الثورة .. ولا حتى طلب من الحكومة أن تعالج مصابي الثورة الأبطال على نفقة الدولة
أصبح العنف هو اللغة الرسمية لمن يتصدرون المشهد الاجتماعي بل والسياسي فى الوطن ... وانقسمت الشخصيات التى كانت تسمى رموزا
حتى الاستفتاء .. لم يحترمه أحد ولم يحترم نتيجته أحد .. ولا زلنا نحمل السيوف ضد بعضنا البعض ... الدستور أولا .. الانتخابات أولا ..
أصبح كل ذى طلب تافه يجلس القرفصاء أمام أحد الهيئات الحكومية الهامة ليملى شروطه على الدولة .. حتى مشجعي نادي الاتحاد السكندري معتصمون لإلغاء الهبوط للدرجة الثانية .. واتحاد الكرة على وشك الاستجابة
كنت دائما ضد الهيبة المبالغ فيها للدولة .. فالدولة والحكومة تحولت لبعبع بفضل النظام القمعي الذى كان يستند إليه مبارك دائما .. ولكننى أيضا ضد الحكومة الضعيفة التى لا تستطيع حفظ هيبة الدولة
ربما ينعتني أحدكم بأننى من الفلول .. ولكن على قدر ما قدست الثورة ودافعت عنها فى البداية .. على قدر ما أبغض ما وصلت - وأوصلتنا إليه الآن
على فدر ما أحنيت هامتي لكل شهيد ومصاب وبطل
على قدر ما يصيبني الإحباط والدوار والغثيان من الذين يقطعون الطرق ويوقفون مصالح البلاد والعباد تحت ستار المطالب المشروعة
أسألهم : بقطعكم طرق السفر على المسافرين .. هل تعاقبون الحكومة ؟؟ أم تعاقبون المواطنين الذين يستخدمون هذه الطرق ؟؟
لا أكتمكم سرا ... تمنيت كثيرا من داخل قلبي أن يفتح الجيش الرصاص الحي على كل من يقطع الطريق على المواطنين .. تماما كما تمنيت أن يوفر الطعام والشراب للمعتصمين المحترمين بميدان التحرير
أصبح من المعتاد أن يحاول الناس اقتحام أقسام الشرطة لأن الشرطة تجرأت وقامت بالقبض على أحد ذويهم
أصبح من المعتاد أن نهاجم كل ضابط بوليس أو على أقل تقدير نرمقه بنظرات احتقار كلما رأيناه
يتحدث إعلام الثورة دائما عن قتلة المتظاهرين من ضباط الشرطة .. ولا يتحدثون أبدا عن ضابط فقد حياته أثناء مطاردة مجرم ..
أشعر أن فى مصر الآن ثورتان .. ثورة التحرير الشريفة الطاهرة .. وثورة البلطجية عديمي التربية الذين وجدوا فى ضعف الدولة فرصة لإخراج كبت سنين القهر
أعزائي الثوار المحترمين .. الله يعينكم على من شوهوا صورتكم الجميلة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق